على سبيل المثال، لم تشعر أمينة وهي أم لشابتين سوى ببعض الذبذبات أثناء الزلزال الذي طال على نحو طفيف مدينة الدار البيضاء، حيث تسكن.
لكن أمينة لا تزال تشعر بدوخة ورغبة في القيء، وتصيبها حالة من الهلع بمجرد أن يقع شيء من يدها على الأرض.
ولسوء الحظ، فإن حالتها ليست الوحيدة، كما تصرح بعيون دامعة لموقع “سكاي نيوز عربية”، بل هي حال العديد من أفراد العائلة والمقربين الذين لم يتحملوا أوجاع سكان المنطقة الأكثر تضررا في المغرب وفقدانهم أقرباءهم وفلذات أكبادهم وممتلكاتهم في رمشة عين ليلة الجمعة 9 سبتمبر.
وهذا الأمر هو “عبارة عن أعراض جسدية مرتبطة بالقلق والتوتر”، كما يشير الطبيب النفسي في جامعة هامبورغ في ألمانيا ومدير الاستراتيجيات الطبية في منصة “عرب ثيرابي”، أدهم المغربي في تصريحه لموقع “سكاي نيوز عربية”.
وبالنسبة له “هي تعبير لا إرادي من الجسم يعير من خلاله عن الإحباط من عدم القدرة على تقديم شيء خلال حدث كبير جلل حدث بالفعل. فيقوم الجسم بالتعاطف مع الضحايا بالتعبير عن هذا الإحباط بصورة أعراض جسدية قد تشمل الدوخة، والميل للقيء، والرعشة، وتنميل بالجسم، وصعوبة بالتنفس. وهذا ما يسمى بالتفاعل الجسدي مع التوتر النفسي. وفي العادة تستمر الأعراض لمدة قصيرة ثم تختفي تدريجيا”.
“أرى كوابيس مخيفة”
إبراهيم، شاب عشريني، يعمل في مجال التدريس، فيقول بصوت حزين لموقع “سكاي نيوز عربية”: “أغفو بصعوبة، أرى كوابيس مخيفة. أعاني من تشنجات عضلية يوميا، ولا أتوقف عن متابعة الأخبار ومشاهدة الفيديوهات القادمة من المغرب أو ليبيا. لا أصدق أننا نعيش هذه المآسي المتتالية والكوارث الطبيعية في المنطقة. لقد اختفت تماما أحياء من الخرائط”.
ويعتبر الطبيب النفسي أدهم المغربي أن “الأرق رد فعل طبيعي ممكن أن يحدث عند الكثير من الناس من أعمار مختلفة. كما يمكن أيضا أن يكون سببا أو عرضا من أعراض موجة اكتئاب للأشخاص الذين يعانون في الأساس من نوع من اضطرابات الاكتئاب”.
كيف يمكن التخلص من أعراض صدمة الزلزال؟
للتخلص من هذه الأعراض، ينصح الدكتور في جامعة هامبورغ أدهم المغربي بـ:
- ممارسة تمارين اليقظة الذهنية.
- استخدام تقنيات التنفس والاسترخاء.
- التحدث مع صديق أو شخص مقرب عن الحدث لتفريغ المشاعر أو القيام بتدوين المشاعر على ورقة.
- ممارسة الأنشطة الرياضية.
- تقبل المشاعر وعدم إخفائها.
- التركيز على اتباع روتين يومي منتظم.
وفي حالة الأرق، يقول الطبيب المغربي إنه: “يجب اتباع نظام للنوم وعدم التسرع لطلب المساعدة الدوائية أبدا لأنه في الغالب يتم السيطرة عليه من خلال اتباع التقنيات السابقة”.
وفي المقابل، يشدد على أن الأعراض الأخرى التي يجب أن الانتباه إليها هي “الذهول، أو عدم الاستجابة على الإطلاق أو الانفعال الشديد، أو الإنكار أو حتى عدم التصرف بشكل متزامن مع ما يحدث في الواقع. وفي حال استمرت لفترة طويلة فيجب مراجعة أخصائي نفسي”.
وينبه المغربي إلى أن الكوارث الطبيعية يمكن أن تخلف آثارا نفسية على المدى البعيد وأن تتطور الأعراض إلى ما يسمى بـ “اضطراب كرب ما بعد الصدمة، لكن ليس كل شخص يتعرض لصدمة نفسية مثل الزلازل يجب أن يتطور لديه هذا الاضطراب” .