اعتبرت رئاسة الجمهورية العراقية، يوم الثلاثاء، القصف الجوي التركي الذي استهدف مطار “عربت” الزراعي في السليمانية مرفوض من قبل القانون الدولي ويتعارض مع مبادئ حسن الجوار، في حين أعلنت أنها ستوجه مذكرة احتجاج بيد السفير التركي في بغداد إلى رئاسة بلاده.
وقالت الرئاسة في بيان، إنه “يوما بعد آخر، تتصاعد الهجمات العسكرية الممنهجة على الأراضي العراقية وتحديداً في إقليم كوردستان ودون مسوغ عسكري أو أمني، إذ طال العدوان المدنيين الأبرياء والمقار العسكرية والأمنية”، مردفة بالقول “قد أوضحنا للجهات التركية المعنية في مراتٍ سابقة، أن العراق على استعداد للجلوس مع الجهات الأمنية المعنية لسد الثغرات التي تعتقد تركيا أنها أماكن تسلل لمن يريد المساس بأمنها ودون أن نرى استجابة حقيقية لدعواتنا”.
وتابع البيان قائلا: إن وقوع بعض الخروقات الأمنية وبعض العمليات العسكرية بين دول الجوار ممكنة الحدوث؛ لكن شن هجمات عسكرية متتابعة تطال المدن والمدنيين فضلا عن العسكريين، فهذا أمرٌ يرفضه القانون الدولي ويتعارض مع مبادئ حسن الجوار، ولاسيما اذا كان العدوان بأسلحة لا تستخدم إلا للحروب المفتوحة؛ كالطائرات المسيرة التي أصبحت وسيلة معتادة للعدوان التركي على الأراضي العراقية، وهو ما يهدد الأمن والاستقرار الذي ينعم به العراق اليوم والذي لم يشهده منذ سنة 2003″، مشددا “نحن ندين بأشد العبارت هذه الاعتداءات المتكررة على مدن الإقليم الآمنة”.
وذكر الرئاسة في بيانها، “لقد عملت الحكومات العراقية المتتابعة ومنذ عام 2003 على إرسال رسائل طمأنة الى دول الجوار والإقليم والعالم، أن العراق الجديد لا يؤمن إلا بالحوار لغةً للتفاهم وحل الإشكاليات ومناطق الاختلاف والتباين وبرهن على توجهاته الجديدة بمد جسور التواصل وترميم العلاقات التي اصابها الوهن بفعل سياسات النظام السابق وإقامة المشاريع المشتركة الكبرى وفتح أبوابه لدول وجدت في السوق العراقية المنفذ الأكبر لانعاش اقتصادها وفي مقدمتها الجارة تركيا”.
ومضى البيان بالقول “أما ان يواجه هذا الانفتاح العراقي وحسن النية بهكذا ردود أفعال وبالطائرات المسيرة فهو أمر مرفوض ولن تسكت عليه الدولة العراقية”.
وأكمل البيان “لقد دفع العراق الضريبة الأكبر لمواجهة التنظيمات الإرهابية، فتنظيم داعش الإرهابي الذي لم يكن ليكتفي بالعراق غنيمة له، لكن كان يسعى لاتخاذ الأراضي العراقية منطلقاً لشن إرهابه على دول الجوار وعلى مدى سنوات والعراق يتصدى بخيرة أبنائه وماله لهذا التنظيم الإرهابي حتى اسقط مشروعه ودافع عن أرضه وعن أراضي دول الجوار”، مؤكدا أنه “بعد كل هذه التضحيات تتعرض الأراضي العراقية يومياً لهجمات ممنهجة فذلك دليل على سوء النية وعدم رغبة في علاقات آمنه مستقرة”.
وأفصحت الرئاسة في بيانها عن مبادرتها “اليوم إلى استدعاء الوزارات الأمنية العراقية المختصة للاستماع منها لتقرير مفصل، منوهة إلى أنها ستجري “اتصالات مكثفة مع المجتمع الدولي، فضلاً عن استدعاء السفير التركي في بغداد لتسليمه رسالة احتجاج موجه الى الرئاسة التركية”.
يوم أمس الاثنين تعرض مطار “عربت” الزراعي جنوب شرقي محافظة السليمانية إلى قصف جوي بطائرة مسيرة مجهولة أسفر عن سقوط 6 ضحايا وإصابة ثلاثة آخرين من عناصر جهاز مكافحة الارهاب التابع للاتحاد الوطني الكوردستاني.
وفي وقت مبكر من صباح اليوم الثلاثاء ندد اللواء يحيى رسول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية محمد شياع السوداني بالقصف، وقال في بيان إنّ الطائرة التي قصفت مطار عربت الزراعي في السليمانية دخلت من تركيا.
وأضاف أن “هذا العدوان يشكل انتهاكًا لسيادة العراق، وأمنه وسلامة أراضيه، ويمثل إخلالاً وتهديدًا للسلم والأمن في المنطقة والعالم، وخرقًا لأحكام القانون الدولي، وانتهاكًا لمبادئ ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة”.
وشدد اللواء رسول على أنّ “هذه الاعتداءات المتكررة لا تتماشى مع مبدأ علاقات حسن الجوار بين الدول، وتهدد بتقويض جهود العراق في بناء علاقات سياسية واقتصادية وأمنية طيبة ومتوازنة مع جيرانه”، لافتا إلى أنّ “العراق يحتفظ بحقه بوضع حد لهذه الخروقات”.
بدوره أدان رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل جلال طالباني القصف، وقال في بيان أمس، إن “هذه العملية الإجرامية هي خرق فاضح لحدود إقليم كوردستان والعراق وتأتي ضمن المؤامرات التي تستهدف تخريب أمن واستقرار إقليم كردستان ومنطقة السليمانية بشكل خاص”.
وأكد “في مواجهة تكرار هذه الخروقات فإنه من واجب الأطراف السياسية في الإقليم أن تواجه معاً المخاطر والتحديات الأمنية وتحمي كوردستان من الأعداء والمغرضين”.
وتابع طالباني “تعازينا ومواساتنا القلبية لأسر وذوي شهداء مكافحة الإرهاب الأبطال وهم شهداء أمن كوردستان، وأرجو الشفاء العاجل للمصابين، كما نطالب بوقف فوري لهذه الهجمات وندعو الحكومة العراقية إلى تحمل مسؤولياتها الدستورية والوطنية في حماية أرض وسماء العراق بما فيها كوردستان وأن لا يسمح بحدوث هذه الخروقات بعد الآن”.
كما ودعا رئيس حزب الاتحاد الوطني، “الأصدقاء ودول العالم وكل الأحرار إلى موقف جدي والتضامن معنا لوقف هذه الهجمات الإرهابية. فنحن الكورد كنا في طليعة مواجهة الإرهاب خلال السنوات الماضية وقدمنا تضحيات كبيرة في سبيل ذلك ولا يمكن أن نستهدف بمثل هذه العمليات الإرهابية”.
ووجّه رئيس وزراء حكومة إقليم كوردستان مسرور بارزاني، في وقت سابق من اليوم، السلطات المعنية بإجراء تحقيق “دقيق” بالقصف الجوي الذي طال مطار “عربت” في محافظة السليمانية وأسفر عن سقوط ضحايا من قوات مكافحة الإرهاب في الإقليم.
وقال مسرور بارزاني في رسالة له، إنه “حزين إزاء الحادث الذي وقع في مطار عربت”، مردفا بالقول: على السلطات المعنية إجراء تحقيق دقيق في أسباب وطبيعة هذا الحادث وكشف الحقائق في أسرع وقت ممكن.
وأضاف أنه “ندين أي انتهاك لسيادة كوردستان، والعراق وكل الأعمال غير القانونية التي تنتهك أمن واستقرار إقليم كوردستان”.