لم يكن بول بريمر الحاكم المدني للعراق بعد عام 2003 يعلم أن جزءًا ممن كان يجتمع بهم ويوزعهم على مناصب النظام الجديد سيقودون عملية سياسية وعسكرية تحاور من يخلفه على الوجود الأميركي في العراق. استنزف العراق الكثير من الوقت العقيم فيما إذا كان احتلالًا أو تحريرًا، تتبناه مواقف تتبدل بسرعة. من كان يقاوم بالأمس أصبح يرى الوجود الأميركي معادلاً ضروريًا لتوازن القوى، وأصدقاء واشنطن بالأمس أصبحوا يرونها اليوم عبئًا ثقيلاً يضايق حليفتهم إيران، وهكذا يتجدد النقاش ولا يهدأ في كل حدث أو مأزق يمر به النظام السياسي.
بدأ الحوار العراقي–الأميركي من أجل جدولة الانسحاب من العراق حسب الرواية العراقية بين التاسع من أبريل 2003 حين أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش إسقاط نظام صدام حسين إلى زمن السابع من أبريل 2021 حين أعلن مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي اتفاقاً مع الولايات المتحدة على إخراج قواتها من العراق وجدولة انسحابها. وقد حاول البرلمان العراقي عقد جلسة استثنائية لمناقشة الاعتداءات المتواصلة على السيادة العراقية من قبل الجانب الأميركي، لكن نِصاب الجلسة لم يتحقق بعد. يبدو أن هناك رغبة لوجود القوات الأميركية في العراق ما دام هناك وجود آخر لدول أخرى تنفذ هجمات ووجود مسلح وإن كان بمسميات عراقية.
هناك خلاف سياسي عميق بين المكونات الطائفية والعرقية في العراق، مما يعكس واقعاً من التخبط السياسي. ينسى البعض أن استعادة السيادة العراقية تبدأ من ترتيب البيت الداخلي للعراق أولاً، ثم تكوين رؤية موحدة تُعبّر عن إرادة العراقيين وقرار وطني شجاع يُعبّر عن موقفهم وليست مساومات ومزايدات ومصالح طرف على حساب طرف آخر.