شهدت مناطق الأهوار في العراق خلال هذا العام نزوح 68 ألف أسرة بسبب شح المياه، حسبما أشارت وزارة البيئة. أوضح جاسم الفلاحي، وكيل الوزارة، أن ندرة المياه تسببت في تدهور غير مسبوق في الجفاف والتصحر، بسبب قطع إيران لتدفق المياه إلى الأهوار وانخفاض الأراضي الزراعية. هذا أدى إلى فقدان 68% من الأراضي التي كانت مناسبة للزراعة، وزيادة غير مسبوقة في عدد السكان بنحو مليون و300 ألف شخص سنوياً. وذكر الفلاحي أن تراجع الرقع الزراعية وتزايد معدلات التصحر والعواصف الرملية والغبارية يؤدي بالضرورة إلى ما يعرف بـ “النزوح الداخلي”، حيث يُجبر المواطنون على مغادرة منازلهم نظراً لعدم توفر مياه كافية. ولاحظ أن 68 ألف أسرة أضطرت للنزوح من مناطق الأهوار في الصيف من هذا العام، بعد أن فقدت وسائل كسبها بسبب الاعتماد على الزراعة وتربية الجاموس وصيد الأسماك والطيور. وحذر الفلاحي من أن النزوح الداخلي قد يؤدي إلى نزوح خارجي أو بناء مستعمرات عشوائية قرب المدن التي تعاني من نقص حاد في الخدمات، والتي ستشهد العديد من المشاكل الاجتماعية، بالإضافة إلى ازدياد معدلات الطلاق نتيجة عدم توفر الأمان الاقتصادي وارتفاع معدلات الفقر وحالات تعاطي المخدرات والعصابات المنظمة، واستدراجهم من قبل المجموعات الإرهابية بسبب فقدان وسائل العيش.
بشكل عام، يعاني العراق من تراجع مستمر في موارده المائية وتدهور في الحالة البيئية للأهوار. وقد أصبح شح المياه وندرتها أحد أسباب التأثير السلبي على البيئة والمجتمع في مناطق الأهوار. وتعد إيران المصدر الرئيسي لتدفق المياه إلى الأهوار عبر الأنهار المشتركة بين البلدين، ولكنها قامت بقطع تدفق هذه المياه في السنوات الأخيرة. تجاوزت هذه الخطوة الصادرة عن إيران الآلاف من الأسر في مناطق الأهوار وأصبحت سبباً رئيسياً في نزوحهم وفقدانهم سبل العيش. وبشكل عام، تعتمد العائلات في هذه المناطق على الزراعة وتربية الحيوانات البرية كمصادر رئيسية للدخل، ولكن مع التدهور المستمر للوضع البيئي، أصبحت هذه المصادر غير كافية لتأمين احتياجاتهم الأساسية. ونظراً لتأثير تغير المناخ وتدهور البيئة، فإن النزوح الداخلي أصبح ظاهرة مزمنة في المنطقة، مما يعزز المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأمنية في العراق، بما في ذلك زيادة حالات تعاطي المخدرات وانتشار الجريمة المنظمة وتوجه الشباب إلى الانضمام للمجموعات الإرهابية.
لحل مشكلة النزوح الداخلي وتخفيف الأعباء على المجتمعات المتضررة، يجب أن تتحرك الحكومة العراقية والمجتمع الدولي بنشاط لإيجاد حلول مستدامة. ينبغي أن تعمل الحكومة على تعزيز التعاون مع إيران والدول المجاورة للسيطرة على تدفق المياه للأهوار وتحسين الوضع البيئي هناك. وينبغي أيضاً أن تركز الجهود على تنمية مصادر بديلة للدخل وتوفير فرص عمل جديدة للسكان المحليين في المناطق المتضررة. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تركز الحكومة على تعزيز الخدمات الاجتماعية وتوفير الأمن الاقتصادي للسكان، بما في ذلك توفير فرص التعليم والرعاية الصحية وتوفير وظائف ذات رواتب مستدامة. وبالنسبة للمجتمع الدولي، يجب عليه أيضاً أن يقدم الدعم المالي والتقني للحكومة العراقية والمنظمات غير الحكومية للمساهمة في تنفيذ هذه الحلول المستدامة وتخطيط مستقبل أفضل للأهوار وسكانها. بالنهاية، يجب على الجميع أن يعملوا معاً للحفاظ على البيئة الطبيعية وضمان استدامتها للأجيال القادمة وللحفاظ على مستقبل المجتمعات المتأثرة في العراق.
