الحكومة العراقية قد أقرت زيادة في رواتب الموظفين والمتقاعدين، وذلك في ضوء وجود عجز في الموازنة الاتحادية. وقد بدأت هيئة التقاعد الوطنية باتخاذ إجراءات في هذا الصدد. ويتساءل الخبراء عن الأثر والتأثيرات المترتبة على هذه الزيادة، وعلى حياة المواطنين ونسبة العجز المتوقعة. ولتوضيح الأمر، يشير الخبراء إلى أن هذه الزيادة تأتي لحماية الفئات الأكثر فقرًا من الموظفين والمتقاعدين من التضخم، وتعويضًا لهم عن فقدان قوتهم الشرائية الناجم عن ارتفاع مستوى التضخم. وبالتالي، فإنها تعتبر زيادة تعويضية ضرورية لتحقيق استقرار معيشي لهؤلاء الأفراد. ويجب أن لا ينظر إلى الاقتصاد من زاوية الأرقام فقط، بل يجب أن ينظر إليه من زاوية صلته بالإنسان وتخفيف معاناته. ولذلك، فإن القرار يعتبر مهمًا اجتماعيًا ويساعد في تحقيق نوع من التوازن بين رواتب الموظفين.
من ناحية أخرى، تشير الملاحظات الاقتصادية إلى أن عدد المتقاعدين الذين يتقاضون راتبًا يصل إلى مليوني دينار عراقي أو أقل ويتمتعون بالزيادة قد بلغ ما يقرب من مليون و600 ألف متقاعد. وقد بلغت الزيادة الإجمالية المنصوص عليها 164 مليار دينار شهريًا أو ما يعادل تريليون و971 مليار دينار سنويًا. وبالتالي، ستنتج هذه الزيادة إضافة هائلة للموازنة العاجزة.
وعلاوة على ذلك، يوجد ما يقرب من مليون و821 ألف موظف من الدرجات الثامنة والتاسعة والعاشرة الذين سيتأثرون بالمخصصات المقطوعة بنسبة 50٪ من رواتبهم. وهذا يعادل حوالي 45٪ من العدد الإجمالي للموظفين على الكادر الثابت. ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الزيادات لن تؤدي إلى تفاقم عجز الموازنة لعام 2023، نظرًا للارتفاع الكبير في أسعار النفط. بالمقارنة بسعر برميل النفط المخطط له في الموازنة والبالغ 70 دولارًا للبرميل.
بشكل عام، يمكن القول إن هذه الزيادة في رواتب الموظفين والمتقاعدين تهدف إلى تعويضهم عن تدهور القوة الشرائية ولتحقيق استقرار معيشي لهم. وعلى الرغم من أن هناك بعض المخاوف بشأن تأثير هذه الزيادة على الموازنة، إلا أن الظروف الاقتصادية الحالية تدعم فرضية أنها لن تؤثر بشكل كبير على العجز المتوقع.