مع زيادة حوادث العنف الأسري في العراق، يثير خبراء القانون الأمر ويبرزون أهمية تشريع قوانين صارمة لردع هذه الجرائم. لكن القانونيين يعتقدون أن المشكلة الحقيقية ليست في قلة القوانين، بل في العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تساهم في زيادة هذه الجرائم. وبالتالي، يرون أن قوانين رادعة وحدها لن تكون كافية لتحقيق هدف الحد من العنف الأسري.
وفقًا للخبير القانوني سالم حواس، القوانين العراقية قاسية وتفرض عقوبات رادعة على المجرمين، ولكنها لا تقلل من نسبة الجرائم. يقول حواس إن القوانين لا تميل لصالح المصلحة الشخصية على حساب المصلحة العامة في قضايا العنف الأسري وغيرها، ولذلك فإن تقليل نسبة الجرائم يتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية وليس بالقوانين والعقوبات. على سبيل المثال، أظهرت الإحصائيات أن عدد حالات العنف الأسري في العراق في عام 2022 بلغ 21,595 حالة، وقد انخفضت ظاهرة “الدكات العشائرية” بنسبة 85% بعد أن أعلن القضاء العراقي أن هذه الظاهرة تعد أعمالًا إرهابية.
بالتالي، يجب أن نلقي الضوء على أهمية التركيز على الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لحل مشكلة العنف الأسري في العراق. يجب تعزيز الوعي بحقوق الأفراد وتمكينهم اقتصاديًا واجتماعيًا، وتعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا. بالإضافة إلى ذلك، يجب توفير فرص عمل كافية ومنصات للتعليم والتدريب للنساء والشباب من أجل تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والتقليل من الفقر والبطالة التي قد تدفع بعض الأفراد إلى اللجوء إلى العنف الأسري.
بالمجمل، لا يكفي وضع قوانين صارمة لردع العنف الأسري في العراق. يجب أن يركز الجهود على مكافحة العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي تسهم في زيادة هذه الجرائم. يجب أن يعمل المجتمع بشكل مشترك لتوفير فرص عمل كافية وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للأفراد. وعلاوة على ذلك، يجب توفير الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا وتعزيز الوعي بحقوق الأفراد. من خلال هذه الجهود المشتركة، يمكن تحقيق تقليل نسبة العنف الأسري وبناء مجتمع آمن ومستقر في العراق.